كنت صغيرة جدا عندما كنت أجمع بقايا الطبشور بعدما تخرج هي من الصف لأكتب بعض كلمات حفظتها من شرحها , وكنت أقلّد مشيتها وضحكتها وكيف تخاطب كل منّا بإسمه وكيف تضرب على الطاولة بمسطرتها كي ننصت اليها, كانت هي مشرقة بابتسامتها ومازالت صورتها في البال مشرقة مثلها, حلمت حينها لوأني أحمل شنطتها وكتبها وألبس حذائها بالكعب العالي, كم كانت أنيقة بهندامها وكلامها وحتى في عقابها, كانت تعرف ما بنا من رمشة عيننا, وكانت ربما كانت أغلى عندنا من أهلنا, كنا نسعد لو اختارت أحد منّا يرافقها بحمل الدفاتر الى غرفة المعلمين, وكان يوم حظنا لو سمحت لنا بمرافقتها في الملعب أثناء الفرص,وهو حتما أسعد ما يمكن ان يحصل معنا لو نادت أحدنا باسمه مع ابتسامتها الساحرة, وكم كنا نرتاح لو كلمتنا بهدوءها المعتاد في ما يقلقنا............. كبرت وفي الحياة صار لي ألف صفحة وصفحة أكتبها,ولم تغب صورتها عن بالي الى أن وجدت القدر يحقق أمنيات الفتاة الصغيرة التي جمعت بقايا الطبشور كي ترسم مستقبلها .......تُرى أين أنا منها اليوم ومن أناقتها وفصاحتها؟ وكم من تلميذة وتلميذ ينتظرون ابتسامتي ونفسي الطويل؟ وكم من مشكلة تنتظرني في عيون تلاميذي كي ابعد القلق عنهم؟ وكم من صورة أرسمها في بالهم كي يسيروا على دربي غدا؟ فهل فعلا صرتها....؟؟؟؟ ( مع فارق أني استعمل اليوم القلم التفاعلي)
في هذا اليوم استذكرها في البال وأقول لها شكرا معلمتي لأنك كنت نموذجا أحتذي به, علّني أكون نموذجا بدوري لأجيال ستأتي.......كل عام وكل معلمي الأرض بألف خير لأجل أن يعم الخير.....