اليوم العالمي للقضاء على العبودية
يصادف الثاني من الشهر الجاري ( اليوم) الإحتفال باليوم العالمي للقضاء على العبودية, في حين أنه وبعد مرور مائة عام على أول معاهدة ضد التجارة بالبشر, ما زال 27مليون إنسان مستعبدون في العالم وعلى الرغم من تعدد المعاهدات الدولية والإدانات العامة للعبودية, الظاهرة ما زالت مستمرة, والقانون الدولي يعجز عن حلّها على ما يبدو।।
إن صورة العبودية الحديثة تختلف بشدة عن تجارة العبيد التي عرفها المجتمع البشري على مر العصور, وتجارة البشر التي أثرت في المخيلة الجمعية। وإن كانت العبودية اليوم تشبه الى حد بغيد سابقاتها فيما يتعلق بالتهريب عبر الحدود واستغلال عمل الآخر والعقوبات الجسدية, فإنها تتميز الآن بأنها أقل ضجيجا وأكثر نباهة وقريبة منّا ( وهنا خطورتها)।
العبيد اليوم يصنعون لنا السجاد والألبسة ويحصدون قهوتنا ويشحذون في الشوارع ويبيعون أجسادهم أو يقومون بأعمالنا المنزلية। وبالتأكيد, فإن العبودية أكثر بروزا في بعض الأجزاء من العالم, خصوصا في البلدان النامية حيث يستمر الجهل والأمية والفقر, ولكنها ايضا موجودة في الدول المتقدمة। إن عولمة التبادلات , ودولنة الجريمة والحروب قد عجّلت كلها من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والتي هي في أصل العمل القسري والعبودية।
كذلك لم تعد العبودية مجرد ظاهرة وطنية محصورة في منطقة ما او دولة ما , هذا الشكل الجديد من الجريمة اصبح عابرا للحدود, ان ما يميز الاستعباد اليوم هو فقدان الاستقلال الذاتي بسبب قيام شخص ىخ باستخدام سمة أو اكثر من سمات الملكية। وفقدان الملكية هذا يرتبط غالبا بالغصب أو بخطر الإجبار الجسدي أو النفسي , وقد اضيفت له لاحقا له سمات كالخدمة مقابل دين, الزواج القسري, بيع الأطفال لغايات استغلالية, الى ان بات يعني أيضا العمل الاجباري।
وعلى الرغم من ان عدد كبير من الدول قد صادقت على مختلف المعاهدات التي تمنع العبودية وكذلك قإن عدد كبير من الدول قام بإدراج نصوص قانونية في هذا الخصوص في صلب قوانينها, فعديد منها لا تزال غير قادرة ملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات بسبب غياب الرغبة السياسية الحقيقة وغياب استراتيجيات ضرورية للتصدي الى جذور العبودية كالفقر واللامساواة والامية والافلات من العقاب।
فلنعي خطر العبودية وخطر الانزلاق في افخاخها , ولنكن أكثر وعيا في العمل على تجنيب اجيالنا الطالعة مغبة الانزلاق فيها, لأن العبودية في النهاية ليست فقط الخضوع والاذلال للمادة والمال।ولنعمل على بناء أجيال تعي معنى الحق ومعنى الحرية ومعنى العلم والمعرفة كأسلحة وحيدة قادرة على القضاء على العبودية। من داخل النفس أولا ومن ثم العقل لنصبح أكثر قدرة على التصدي..............